أنا ونفسي والشيطان د.مصطفى محمود
أنا ونفسي والشيطان
من اروع مقالات الدكتور مصطفى محمود
( الشيطان حقيقة وليس شخصية اسطورية )
بقلم : د. مصطفي محمود
قالت لي نفسي:
نارك وجنتك بين جنبيك.. نارك وجنتك فيما تختار, وما تعجل اليه من اقوال
وافعال, وماتبادر اليه من عمل وماتمتد اليه يدك من حلال وحرام.
يدك هي التي تحفر بها قبرك وتصنع بها مصيرك, ولسانك هو الذي يهوي بك الي
الهاويه او يصعد بك الي أعلي عليين.. انت ماتقول وانت ماتفعل.
انظر ماذا تفعل تعلم مسكنك, وتشهد قيامتك قبل قيامتك وتعلم ساعتك قبل
ساعتك.
قال لي شيطاني مستنكرا:
وأين أنت الآن من قيامتك وأين أنت من ساعتك؟ هذا الوسواس الشوم الذي تصحو
وتبيت فيه.. انظر حولك يافتي.. أنت مازلت في الدنيا اقطف زهرتها, وانعم
بلذاتها, وأمامك فرص التوبه ممتده بطول عمرك.. وأنت ماعشت فأنت في رعايه
التواب الغفار غافر الذنب وقابل التوب.. لاتعقد امورك واضحك للأيام تضحك
لك..
قلت وأنا أتحسب كل كلمه
تضحك لي أو تضحك علي يالعين.. ومن أدراني ان ما أقول الآن هو آخر أقوالي
وماأافعل الآن هو ختام أفعالي, واني ميت اليوم ومن مات فقد قامت قيامته
وبدأت ساعته.
قال شيطاني.. أعوذ بالله من غضب الله
ماهذا الكابوس الذي تعيش فيه حياه كالموت وموتا كالحياه لم يبق الا ان تصنع
لنفسك تابوتا وتنسج لك كفنا تتمدد فيه.. أين أنت من هذا اليوم يارجل؟!
قلت:
؟ومن يدريني أن بعد اليوم بعد
قال شيطاني:
هل أقمت من نفسك قابضا للأرواح وفالقا للإصباح ام أنك المتنبي الذي لا تخيب
له نبوه.. إلزم غرزك يارجل ما أنت الا عبد من عباد الله.. عش يومك كأنك
تعيش ابدا.
قلت:
ما قالوها هكذا يالئيم.. بل قالوا.. اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا, واعمل
لآخرتك كأنك تموت غدا.. أرأيت كيف تقلب كل الحقائق.
قال شيطاني:
إنما أردت لك الحياه, وأردت انت لنفسك الموت.. ومرادي كان دائما مصلحتك.
قلت:
بل موت النفوس كان مرادك, وهلاكها في الجحيم كان شغلك الشاغل, وهمك المقيم
ياسمسار الجحيم.
***